في الاحتفاء بأستاذنا الدكتور حسن الحكيم
Ali Taher
يوليو 7, 2022
الفعاليات العلمية, القلاب, مقالات
57 زيارة
الأستاذ الدكتور باقر الكرباسي
إن التاريخ الشخصي لأي إنسان يبدأ بالمكان، فطبيعة المرء امتداد لطبيعة الأرض التي تألفت عليها ملامحه الأولى، فكانت الحاضنة الأولى للدكتور الحكيم المدينة التي نشأ فيها، النجف الأشرف، تشرب منها حب العلم والمعرفة في السنوات المبكرة من عمره، تابع تعليمه بانتظام حتى أصبح مؤرخا موسوعيا ونتاجه في التاريخ والثقافة بأنواعها يدل على ذلك، البيئة النجفية أثرت في صقل شخصيته وسجاياه الخلقية مثلما أثرت في منهجه في الكتابة التاريخية، كان الدكتور الحكيم ومازال شديد الإنتماء لوطنه العراق ومدينته النجف التي يفكر بها دائما بصوت عال، هذه المدينة الساهرة على الضوء والشعر والصلوات، قال عنها شاعرنا المرحوم الأستاذ محمد حسين المحتصر (ت ٢٠١٢م)
من حنايا التاريخ من ألق الماضي
ومن ذلك الزمان الوقور
من رمال الصحراء في النجف الأشرف
من كل ما بها من عبير
من شيوخ على الكتاب وفي المحراب
عاشت مقوسات الظهور
نجفي أنا وحسبي فخرا
حين أنمى لمثل تلك الجذور
والتاريخ أيها الحضور الكريم يتصل إتصالا وثيقا بالإتجاهات الفكرية والاجتماعية ويرتبط بالتطورات العامة في المجتمع فيتأثر بها ويؤثر فيها، ومن هنا تباينت الآراء والاتجاهات في تفسير التاريخ وظهرت المدارس المختلفة ونتيجة للتقدم العلمي ظهر الإتجاه إلى ربط التاريخ بالمجتمع.
ينطلق الدكتور الحكيم في تفسيره للتاريخ من رؤية عربية _إسلامية إنسانية متفتحة على العوامل التي يمكن أن تؤثر في الحدث التاريخي وهي رؤية واقعية جعلته يمتلك إسلوبا خاصا في الكتابة التاريخية، إذ لم يكن أبدا ظلا لأحد، بل هو شجرة وارفة الظلال أصيلة الجذور يستظل بها طلاب العلم، وفي كتاباته أجاد مؤرخنا الدكتور الحكيم في توظيف المعلومة وتفسيرها، فهو يربط الأسباب بالنتائج ولا يجامل ولا يداهن في كتاباته التاريخية، أما منهجه وإسلوبه يقومان على إيضاح كل ما يرد من مادة تاريخية بدقة تامة، إن ما ألفه الدكتور الحكيم من كتب وبحوث في مجال التاريخ متنوعة وبخاصة في مجال التاريخ الإسلامي، إذ كانت دراساته جادة تتسم بالموضوعية، علامة في التاريخ وما يرتبط من علوم به، لامساغ في ذلك، مؤلفاته، دراساته، مناقشاته، ومحاضراته كلها تدل على ذلك، هو واحد من معالم النجف يدل عليها وتدل عليه، تنوعت مواضيع كتاباته بين التاريخ والأدب والسيرة والشخصيات وقد كان لمدينة النجف الأشرف الحظ الأوفر من هذه الكتابات، أما مفصله الخالد (المفصل في تاريخ النجف الأشرف) والذي أتم المجلد الخمسين منه فهو موسوعة ستبقى تخلد اسمه على مر السنين، يقول الدكتور الحكيم في مقدمة موسوعته في الجزء الأول :(كانت فكرة الكتابة الموسعة عن تاريخ مدينة النجف الأشرف تراودني بين حين وآخر، وكان أشد ما يؤلمني الكتب التي تحمل إسم النجف وضمن طيات سطورها إساءات لهذه المدينة المقدسة فقد أساء مؤلفوها الي المدينة الكبيرة بقصورهم البالغ في الإحساس بمسؤولية من يتولى مثل هذه المهمة الشاقة وبقلة مصادرهم، هذا مما حفزني إلى التصدي للتأليف في هذا هذا الموضوع وفق أحدث الطرائق والمناهج العلمية مما يتناسب مع مكانة النجف الأشرف ودورها التاريخي والعلمي وما قدر لها من وضع روحي خاص شهده لها تاريخها المجيد) ج١ص٥، فعزم وخطط وجمع ونظم وأصدر.
رجل مملوء بالحب والخير، يمد يد العون للجميع، دماثة في الخلق واستقامة في الرأي ونقاء في الضمير، فالإحتفاء بالدكتور الحكيم ومنجزه الخصيب في مجال التاريخ والتراث ما هو إلا تثمين لمسعى دؤوب وعطاء لا أوفر منه ولا أغزر، واخيرا وليس آخرا…. لا أرنو فيما قدمت من كلمات عن استاذي الدكتور الحكيم إلا أن أقدم وبتواضع في التعريف به عرفانا بالجميل وإشارة إلى أنه واحد من المؤرخين الذين تركوا بصمات في مجال عملهم.
Related